تنوع البذور الزراعية.. ثروة تحتاج للحماية بمواجهة تغير المناخ  

أ ف ب-الامة برس
2024-05-10

 

 

   محمية سفالبارد العالمية للبذور، التي توفر تخزيناً الأمد الأجل لنسخ البذور المحفوظة في بنوك الجينات حول العالم، في لونغييربين في جزيرة سفالبارد في 25 أيلول/سبتمبر 2021 (أ ف ب)   يسعى جيفري هاوتن وكاري فاولر اللذان حصلا الخميس على جائزة الغذاء العالمية، إلى تحقيق الهدف نفسه: حفظ أكبر كمية ممكنة من البذور للاستفادة مستقبلاً من خصائصها الجينية كمقاومتها للحرّ أو لبعض الامراض.

وتكمن مساهمتهم الأبرز في المشاركة بإنشاء محمية عالمية في أرخبيل سفالبارد النروجي، في القطب الشمالي، وهي أشبه بخزنة بذور عملاقة محفورة في نهر جليدي، حيث تُخزَّن حالياً 1,25 مليون عينة.

ويتمثل الهدف في الحفاظ على أكبر عدد ممكن من البذور الزراعية آمنة هناك، على ما يوضح جيفري هاوتن، وهو مهندس زراعي بريطاني كندي يبلغ 75 عاماً، لوكالة فرانس برس خلال مقابلة أجريت مع الفائزَين عبر الفيديو.

ويقول هاوتن "ما تغيّر قليلاً منذ افتتاح (المحمية) في عام 2008، هو ما يدخل" إلى المكان، فبعد جمع بذور النباتات "المدجّنة" بشكل أساسي مثل القمح أو الشعير، تستقبل المحمية بكميات متزايدة من الأنواع البرية القريبة بشكل أو بآخر من النباتات المزروعة.

وهذه الأخيرة غالباً ما يكون لديها "جينات مثيرة للاهتمام بشكل خاص في ضوء تغير المناخ"، وفق هاوتن.

- تجارب لا حصر لها -

ويذكّر كاري فاولر، وهو اختصاصي بذور أميركي يبلغ 74 عاما، بأن تدجين النباتات يأتي "نتيجة آلاف السنين وتجارب لا حصر لها".

وسيكون من "الغرور" الاعتقاد بأن أدوات الهندسة الوراثية الحالية، حتى الأكثر تطورا، يمكن أن تعيد إنتاج هذه الثروة "قبل مرور وقت طويل". ويقول "إنها أكثر تكلفة بكثير من الاحتفاظ بتنوع البذور في بنوك مخصصة".

ويشير جيفري هاوتن إلى أن تحرير الجينات "سيلعب دوراً كبيراً، والمشكلة تكمن في معرفة ما يجب تعديله".

ويوضح "استجابة النبات لتغير المناخ، الذي يمكن أن يكون حرارة أو برداً أو جفافاً أو فيضانات، تعتمد على عشرات الآلاف من الجينات". وحتى مع الذكاء الاصطناعي، "أشك في أننا سنكون قادرين على فهم جميع تفاعلاتها بشكل كامل"، بحسب هاوتن.

ومع ذلك، يتوقع الباحث ظهور بنوك بذور رقمية، ستتيح تخزين قدر أكبر من المعلومات التي توضح بالتفصيل الخصائص الوراثية للنباتات.

- "إخلاء" بذور من سوريا -

بدأ الرجلان حياتهما المهنية في سبعينات القرن العشرين.

ولم يكن الهدف حينها التكيف مع تغير المناخ، بل إنتاج أكبر قدر ممكن من القمح والذرة والأرز.

ويستذكر كاري فاولر "كنا نشهد على مجاعة في إثيوبيا والهند. وكان همنا المباشر ملء البطون".

ولتحقيق ذلك، أوصى الخبراء في ذلك الوقت بالتركيز على البذور ذات الإنتاجية الأعلى واستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية على نطاق واسع.

ومنذ ذلك الحين، أدرك هؤلاء أهمية تطوير أنظمة زراعية أكثر استدامة وتوسيع نطاق النباتات المزروعة، كما يقول كاري فاولر، المبعوث الأميركي الخاص حالياً للأمن الغذائي العالمي.

ومن خلال منصبه هذا، يعمل فاولر على الترويج لاستخدام النباتات التقليدية في إفريقيا، والتي غالباً ما تهملها البرامج البحثية لصالح الذرة والقمح والأرز، ولكنها قد تحمل قيمة غذائية أعلى وقدرة أكبر على التكيّف مع البيئة.

بدأ جيفري هاوتن مسيرته المهنية في الشرق الأوسط، حيث كان يلتقي بالمزارعين لجمع بذور الخضروات في أفغانستان وإثيوبيا ولبنان والأردن... من ثمّ تهجينها. وفي ظل عدم رغبته في التخلص منها، بدأ في حفظها.

وبعد ثلاثة عقود، أجبرت الحرب في سوريا بنك البذور في حلب، حيث عمل المهندس الزراعي لفترة، على "إخلاء" عيناته بشكل عاجل؛ وقد جرى إرسال العديد منها إلى محمية سفالبارد.

وقد تمت بالفعل إزالة بعضها، بما في ذلك بذور الخضروات التي جمعها جيفري هاوتن وفريقه، من المحمية لضمها إلى مجموعات في المغرب ولبنان.

ويقول جيفري هاوتن ضاحكاً "قبل أسبوعين، في المغرب، رأيت بعضاً من هذه البذور تُزرع في الحقول لاختبار مقاومتها للجفاف".

ويشعر الباحثان بشيء من المرارة لأن المحمية العالمية للبذور قد استُخدمت بهذه السرعة.

ويوضح كاري فاولر "الأمر أشبه بعقود التأمين على السيارات... إذ يفضّل المرء عدم حصول أمر ما يدفع للاستفادة منها"، لكن "لسوء الحظ، سيكون لدينا بلا شك المزيد من حالات الصراع أو الكوارث الطبيعية التي ستعرض بنوك البذور للخطر".

تُمنح الجائزة التي حصل عليها الرجلان الخميس، منذ عام 1986 للأفراد الذين حسّنوا جودة الطعام أو كميته أو إمكانية الوصول إليه في العالم.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي