فرنسا تشهد زيادة كبيرة في عدد المعمّرين فوق المئة

كان عدد المعمّرين فوق المئة قليلا في الماضي، لكنّه يزداد في فرنسا، حتى أن فئة عمرية جديدة برزت أُطلقت عليها تسمية "المعمّرين الفائقين" تشمل من تتجاوز سنّهم 110 سنوات، وفقا لدراسة أجراها معهد الدراسات الديموغرافية الوطنية ونُشرت الأربعاء 24-04-2024. 

ولاحظت عالِمة الديموغرافيا فرانس ميسليه التي شاركت في إعداد الدراسة في حديث لوكالة فرانس برس "زيادة مذهلة في عدد الكبار جداً في السن، حتى لو كان عددهم يكاد لا يُذكر من وجهة نظر ديموغرافية".

وقدّر المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 105 أعوام فما فوق، بنحو ألفَي شخص في الأول من كانون الثاني/يناير 2023، أي ما يساوي عدد من كانوا في المئة في فرنسا عام 1981. ويبلغ عدد هؤلاء راهناً 31 ألفاً، أي نحو 30 مرة أكثر مما كان عليه عام 1970، وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء. ورغم عدم تسجيل وفاة أيّ من "المعمّرين الفائقين" قبل عام 1987 (وهي طريقة إحصائية يستخدمها المعهد لمزيد من الشمولية والموثوقية)، فقد أحصى الباحثون 39 حالة وفاة بين هؤلاء عام 2022، وبين هؤلاء المتوفين...38 امرأة.

وفي وقت تشكّل النساء الغالبية العظمى من البالغين المئة (86 في المئة عام 2023 وفقاً للمعهد)، فإن نسبتهنّ أكبر في فئة من تبلغ أعمارهم 105 أعوام فما فوق (أكثر من 90 في المئة في عام 2020)، وهذه النسبة "مذهلة" بين "المعمّرين الفائقين".

وأوضح المتخصص في شؤون المعمّرين الفائقين وأحد القيّمين على مدوّنة تُعنى بشؤونهم لوران توسان أن هؤلاء النساء المعمّرات جداً "غالباً ما يكنّ من اللواتي تولَين أعمالاً متواضعة صعبة إلى حد ما في الهواء الطلق، ومنهنّ مثلاً مزارِعات أو زوجات مزارعين، واتّبعن نظاماً غذائياً يعتمد على منتجات صحية وغير معالَجة".

نظام غذائي صحي

ليس في البر الرئيسي لفرنسا أي منطقة تُسجّل فيها أرقام لافتة. لكنّ الدراسة تشير إلى "زيادة مفاجئة في عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 105 أعوام، وخصوصاً أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 110 أعوام، في جزر الأنتيل".

وأضافت الدراسة "قياساً إلى عدد السكان، تفوق نسبة المعمّرين الفائقين في غوادلوب ومارتينيك بنحو 8 في المئة" نسبتهم في البر الرئيسي لفرنسا.

وأشارت الدراسة إلى أن "لا تفسيرات واضحة" لهذه الظاهرة لكن ثمة "خيوطا تحتاج إلى التحقق منها"، بينها "خصوصية سكان هذه الجزر، المكونة أساساً من أحفاد العبيد الذين عانوا من تجارة الرقيق". ورأى الباحثون أن "هذه الظروف القاسية قد تكون أدت" إلى ظهور "جينات طول العمر".

واحتفلت ليوكادي-إلميرا فورلاك المقيمة في غوادلوب بعيد ميلادها المئة في كانون الأول/ديسمبر الفائت. وهي تعيش وحيدة، تطبخ، وتهتم ببستانها، و"لا تعرف" الوجبات السريعة.

وقالت ابنتها أنييس فورلاك (66 عاماً) لوكالة فرانس برس "سرها أنها لم تأكل ما نأكله. كانت تأكل الخبز والبطاطا والموز الأصفر والخضر... فقط المحلية!"، مضيفة أنها كانت تمشي أيضاً "بضعة كيلومترات" كل يوم للذهاب إلى العمل.

"بلا إسراف"

وكانت فرنسا التي تتميز بأعلى متوسط عمر متوقع في الاتحاد الأوروبي للنساء (85,2 سنة عام 2022) هي الدولة التي تضم أكبر عدد من المعمرين في أوروبا العام المنصرم، وفقًا للمعهد.

ومن هؤلاء رينيه دوبوف الذي تجاوز المئة بعام واحد، وزوجته دنيز البالغة قرناً بالضبط، وقد تزوجاً قبل 82 عاماً.

وقال الرجل المعمر لوكالة فرانس برس: "لم يكن لي أي دور يذكرفي طول عمري. عشنا بلا إسراف ولم أدخّن قط"، موضحاً أنه دأب على "شرب قليل من النبيذ عند الغداء" مع الجبن.

وأضاف الرجل الذي لا يزال يقيم في منزله في كليرمون-ليرو، بالقرب من مونبلييه (جنوب فرنسا) وكان عاملا في مجال البناء "رياضتي كانت دائماً العمل". 

لكنه شكا أن "المرء لا يعود قادراً" في هذه السن المتقدمة "على أن يفعل الكثير". وتابع قائلاً "إنها ليست حياة. الناس يثنون على من يبلغ هذا العمر، لكن الأمر ليس مماثلاً بالنسبة له"، مشيراً إلى أنه محاط بعائلته.

وتحتفل المرأة التي يُعتقد أنها عميدة سن الفرنسيين ماري روز تيسييه التي تعيش في دار للمسنين في سابل دولون (غرب)، بعيد ميلادها الـ114 في 21 أيار/مايو. 

وعلى المستوى العالمي، يُعتقد أن الأكبر سنا هي ماريا برانياس موريرا، المولودة في الولايات المتحدة والتي تعيش في إسبانيا، وتبلغ 117 عاما، وفقا لـ"مجموعة أبحاث الشيخوخة" Gerontology Research Group في كاليفورنيا.

وتُعدّ الفرنسية جانَ كالمان التي توفيت عام 1997 عن عمر يناهز 122 عاماً أكثر شخص عمّر في التاريخ، وفقاً للموسوعة العالمية للأرقام القياسية "غينيس".