لا مصلحة للطرفين في التصعيد.. هجوم إيران على إسرائيل انتقام محسوب بعناية

الأمة برس
2024-04-15

العلم الإيراني أمام مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا في 1 آذار مارس 2021 (ا ف ب)

أجمعت صحف فرنسية، أو كادت، على أن الهجوم الإيراني على إسرائيل لم يكن هدفه التصعيد بين البلدين، وإنما كان أقرب إلى انتقام محسوب بعناية، يحفظ لطهران ماء وجهها ويتجنب إحداث خسائر كبيرة تضطر إسرائيل إلى رد عسكري قد ينتهي بحرب إقليمية لا يريدها أي من الأطراف ولا تريدها كذلك واشنطن.

وبالفعل، كان عنوان ميديا بارت صريحا في أن الهجوم الإيراني على إسرائيل كان انتقاما محسوبا بعناية، ورأت أن دافعه هو ضرورة حفظ ماء وجهها بعد الهجوم على قنصليتها في دمشق.

كما رأت لوبس أنه تمت معايرته لتجنب سقوط عدد كبير من الضحايا على الجانب الإسرائيلي، وقالت إنه تم بطريقة خاضعة للرقابة، لتجنب التعرض لرد فعل كبير من جانب إسرائيل قد يعرض برنامج طهران النووي للخطر.

واستدلت لوبس على صحة ما قدمته بأن إيران أعلنت أنها لن تضرب من جديد ما لم تتعرض للهجوم، في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي جو بايدن يحث إسرائيل على ضبط النفس.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي يظهر أنه جاهز لكل السيناريوهات، فإن لوبس ترى أنه من الناحية العقلانية، لا مصلحة لإسرائيل ولا إيران في استمرار التصعيد لأنه قد يؤدي إلى حرب إقليمية مع احتمال التصعيد النووي.

وقالت ميديا بارت إن الهجوم الإيراني كان بمثابة مسرحية مذهلة، سمحت لطهران بحفظ ماء وجهها.

ووصفت ليبراسيون البيان الصحفي الإيراني بأنه كان "تحفة فنية صغيرة"، مفادها أن إيران حققت لنفسها الانتقام، وأعلنت أنها تتوقف عند هذا الحد، موضحة أنها ستكون مستعدة للمعركة إذا قامت إسرائيل بالرد، لكنها لا تريد ذلك، مقيدة بذلك البيان، طوعا، رغبتها في الحرب.

مراجعة شروط الردع

وتطرقت عدة صحف إلى جوانب أخرى تتعلق بالهجوم الإيراني، حيث اعتبرت لوموند أن هذه هي لحظة الحقيقة، مشيرة إلى أنه اختبار لبايدن الذي دعم إسرائيل دون تحفظ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولم يرغب في تقييد جرائم الحرب التي ارتكبت في غزة، رغم مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، لأن أولويته القصوى، وهي تجنب اندلاع حريق إقليمي أصبحت الآن في خطر.

ورأت الصحيفة أن إيران اختارت الهجوم في وقت ضعف بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، وأنها عبرت طوعا عتبة تاريخية في عدائها لإسرائيل، ولكنها في نفس الوقت أخمدت الدعوات المتزايدة في الولايات المتحدة لفرض شروط على المساعدات العسكرية لتل أبيب.

وخلصت لوموند إلى أن الكلمة المفتاحية لفهم هذه المرحلة الجديدة هي الردع، لأن كلا من إسرائيل وإيران اضطرت إلى إجراء مراجعة جذرية لشروط أمنها وخطوطها الحمراء، ولكن طهران بهجومها هذا، تخوض مخاطر كبيرة، ليس فقط فيما يتعلق بالأعمال الانتقامية المحتملة على أراضيها، ولكن أيضا لردود الفعل الإقليمية.

تغيير المعادلة

ومع أن معظم الصحف رأت في الهجوم نوعا من مواصلة التهدئة، وأن الولايات المتحدة بدت غير متحمسة لرد إسرائيلي قد يشعل المنطقة، فإن صحيفة لوفيغارو، تساءلت مع الصحافة الإسرائيلية "هل حان الوقت لتوجيه ضربة قاضية؟" لإيران، وقالت معها إن "الوقت ربما يكون قد حان لتغيير المعادلة" في أعقاب الهجوم الإيراني غير المسبوق على إسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل لم تنجح حتى اليوم في تغيير المعادلة"، ورددت قول صحفي من "يديعوت أحرونوت" أن "إيران تهدد وإسرائيل خائفة، في حين أن العكس هو الذي يجب أن يحصل، وإيران هي التي ينبغي أن تخاف"، لأن إسرائيل إذا كان من الصعب عليها ضرب مخابئ التهديد النووي الإيراني تحت الأرض، فإنها تستطيع توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد بشل مخزونات النفط.

ولكن لوفيغارو أوضحت أن الطائرات الإسرائيلية كانت "في الطريق بالفعل" للانتقام لولا أن الرئيس الأميركي اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجمه عن تنفيذ ما كان يريده، وبالفعل أعلن البيت الأبيض من خلال التسريبات أن الولايات المتحدة تعارض أي عمل إسرائيلي عدواني ضد إيران، كما أوردت لوموند.

ومن جهة أخرى، قالت لوفيغارو إن إسرائيل يجب ألا تتعجل في ردها -كما قدر الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي، جيورا آيلاند- مضيفا أن البلاد "لديها إمكانية عدم التحرك على الإطلاق في الوقت الحالي" مع التركيز على "الحفاظ على ديناميكية الرأي العام المؤيد لها".

وأشار إلى أن على تل أبيب طمأنة الدول العربية التي دعمتها ضد الهجوم الإيراني، والتي أصبحت الآن "حلفاء فعليين"، وذلك بإنهاء الحرب في غزة بسرعة، كما نقلت الصحيفة من أعمدة صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليسارية.

وفي السياق نفسه الذي ذهبت فيه لوفيغارو، قالت "لو باريزيان" إنه تم تداول تصريحات تتحدث عن رد عسكري إسرائيلي وشيك، حيث قال عضو مجلس الحرب بيني غانتس "إننا سوف نبني تحالفا إقليميا ونحدد الثمن الذي ستدفعه إيران بالطريقة وفي الوقت الذي نريده"، ولكن بايدن حذر وقال إنه "من غير الوارد الآن الانخراط في التصعيد".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي