«حراس ابن خلدون» للروائي المغربي محمد الهجابي

2024-04-14

محمد الهجابي

صدر للكاتب المغربي محمد الهجابي رواية «حراس ابن خلدون» عن «دار القلم» في الرباط برسم سنة 2024. وتشغل الرواية مساحة زمنية افتراضية تبدأ من أواخر الستينيات من القرن العشرين إلى مطلع التسعينيات منه. عقدان من الزمن طبعا جيلا من المناضلين، تواترت أفواجه على السكن في دار، في حي الأطلس، في مدينة فاس، أطلق عليها اسم «دار ابن خلدون»؛ وهو الاسم الذي سارت عليه ألسن مناضلين ارتبطوا بمنظمة «23 مارس» اليسارية المغربية، ولا سيما ممن درس في جامعة محمد بن عبد الله في فاس.

ومن النادر أن تلفى دارا في مدينة فاس، أَمَّها مناضلون، وخاصة من الطلبة، اجتمع فيها ما اجتمع في هذه الدار. ثم غادروها وهو يحملون من آثارها غير قليل، مما بصم بقوة على مساراتهم النضالية والإنسانية. ولأن هذه الدار بهذا الاستثناء الضارب، فقد توسل بها الكاتب لجعلها بؤرة هذا العمل السردي، وتابع عبرها مسارات ساكنيها في الوطن وخارجه في فرنسا وبلجيكا والجزائر. وبواسطتها تعاطي مع جملة أفكار حركت مناضلي هذا التنظيم، إناثا وذكورا، و»ميزتهم» عن مناضلي باقي التنظيمات اليسارية ومناضلي القوى الوطنية والديمقراطية، ضمن مرحلة طويلة شهدها المغرب عنوانها الرئيس صراع حاد، في أغلب أطواره، بين إرادتين وشرعيتين: إرادة نظام ملكي وإرادة حركة وطنية ديمقراطية، من أجل إقرار نظام متوازن، يتجه نحو طي صفحة «الحكم الأوليغارشي والثيوقراطي الفردي» بما يفسح المجال لتطور «الفكرة الديمقراطية» وتغلغلها في الدولة والمجتمع، على حد سواء. هذا المد والجزر بين الإرادتين والشرعيتين حكَما العقدين الزمنيين اللذين أطرا «الزمن السردي الافتراضي» للرواية.

سعى هذا العمل السردي التخييلي إلى عرض مسارات أفواج من مناضلي «حركة 23 مارس» التي مرت بمرحلة العمل السري وشبه السري في المغرب، منذ أوائل سنة 1970، ثم باشرت مرحلة الشرعية القانونية في سنة 1983، عقب صدور «عفو ملكي» عن السياسيين المنفيين خارج الوطن، بداية الثمانينيات، ضمن وضع سياسي فرضته القضية الوطنية، واحتدام الأزمة الداخلية. وكان لابد أن ينقل هذا «الزمن السردي» الكثير من الظلال، التي أرخاها العقدان بانغلاقهما وعنفهما تارة، وهو الغالب، وبانفراجهما ومرونتهما، تارة أخرى، على حيوات «حراس ابن خلدون» شأنهم في ذلك شأن باقي فصائل الصف الوطني الديمقراطي.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي