القدس العربي : منع التضامن مع الفلسطينيين مشاركة في الإبادة

متابعات الأمة برس
2023-11-23

الفنانون الشجعان يتبرأون من الابادة في غزة دون خوف من أحد (مواقع التواصل)خلال احتفال توزيع جوائز «بافتا» في اسكتلندا قالت إيليد مونرو، مخرجة فيلم «شتاء طويل» الفائز بجائزة أفضل فيلم كارتون قصير: «نريد أن نستغل هذه الفرصة للقول إننا نقف متضامنين مع كل شخص في فلسطين» وبعدها انضم إليها المخرج البريطاني فينيل بريتسيل رافعا لافتة تقول: «أرفض أن أكون صامتا. يجب وقف إطلاق النار الآن».
بدوره قام الممثل أمير المصري، الذي قدم جائزة أفضل ممثلة بالتعليق على ما يحصل قائلا: «إن قلبي ينكسر لكل النساء والرجال والأطفال الذين يعانون الآن في غزة» مطالبا الجمهور بالأمل والصلاة لرؤية السلام، وصورت الكاميرا عبارة «وقف إطلاق النار» على يده.
قدّم هؤلاء الفنانون البريطانيون شهادتهم للتاريخ عبر إعلان مشاعرهم الإنسانية مع الآخرين، وكان تعبيرهم عن تعاطفهم مع الفلسطينيين عمليا، إبراء لأنفسهم كبشر من عملية الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، والذين بلغ عدد ضحاياهم، حتى الآن، قرابة 50 ألفا بين شهيد وجريح ومفقود.
في تصرف يغيّب الخط الاستقلالي الذي يفصل الإعلام العامّ عن الأجندة الحكومية، قامت قناة «بي بي سي» البريطانية بحذف إشارات التضامن السلمية تلك، وهو أمر يمثل انزياحا واضحا عن مبادئ «الشفافية والحياد» والذي يدعمه عدم تلقيها أي دعم حكومي، تحت إشراف «أوفكوم» هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة.
هناك ما يشبه «الحزب الإسرائيلي» في السياسة البريطانية، وقد شهد هذا «الحزب» صعودا كبيرا ضمن حزب المحافظين الحاكم، مدعوما بانتصار جناح «البريكست» وكان معلوما أن وزيرتي الداخلية الأخيرتين، بريتي باتيل، وسويلا برافرمان، كانتا من اشد أنصار إسرائيل في الحزب (إضافة إلى تطرّفهما العنصري ضد اللاجئين). شهد الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني تغيرا كبيرا أيضا في حزب العمال بعد الحملة الهائلة التي شنّت ضد زعيمه السابق جيريمي كوربين وجناحه اليساري، وكان من نتيجتها انتخاب كير ستارمر، الذي وظّف طاقات حزب العمال، الذي كان يلقى دعما كبيرا من المسلمين والأقليات عموما، لصالح إسرائيل، وقد عبّر عن ذلك بأشد طريقة ممكنة عبر تبريره حصار إسرائيل لغزة وقطع الماء والكهرباء عن أهاليها.
تلقّت «بي بي سي» بعد 7 تشرين أول/أكتوبر ضغوطا كبيرة من هذه «الجبهة الموحدة» وراء إسرائيل ضمن المنظومة السياسية البريطانية، وكان أحد أشكال هذا الضغط الطلب منها إعلان أن «حماس» حركة إرهابية، كلما ورد ذكر المنظمة المذكورة في الأخبار والبرامج، وهو أمر يعد سابقة ولم يحدث قبل مع أي منظمات كانت السلطات البريطانية تعتبرها إرهابية، بما فيها «الجيش الجمهوري الأيرلندي، الذي كان يشن عمليات داخل بريطانيا نفسها، وقد لاحظ المتابعون للإعلام البريطاني تأثره، بشكل عام، بهذه الضغوط.
المقصود طبعا من التأكيد المتكرر على أن «حماس» هي منظمة إرهابية هو تثبيت التاريخ عند نقطة العملية العسكرية الكبيرة لفصائل المقاومة في الشهر الماضي، والتركيز المشدد على معاناة الرهائن (الحديث يدور عن 200 إلى 240 رهينة) والقتلى الإسرائيليين (1200 حسب الإحصائيات الإسرائيلية) والتغاضي الخبيث عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب يوميا ضد الفلسطينيين.
كشفت أشكال هذه الانحيازات، المباشرة وغير المباشرة، انحيازات كبرى أخرى تمتد للتاريخ الاستعماري البريطاني، الذي كان أحد الأسباب الكبرى للمأساة الفلسطينية عام 1948، كما كشفت الانحيازات الإشكالية في العقل السياسي الغربي، التي تقسم البشرية إلى عالمين لا يتساوى فيهما البشر، والتي يعتبر فيها الفلسطينيون أقل شأنا من الإسرائيليين، ويسلط الضوء على عشرات الرهائن في الوقت الذي يحتجز مليونان ونصف المليون من الفلسطينيين في غزة رهينة لهذا العالم العنصري.
منع التضامن مع الفلسطينيين، بهذا المعنى، هو تضامن مع الإبادة الجارية ضدهم.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي