القدس العربي : إقالة بريفرمان: جرائم الحرب الإسرائيلية سياسات داخلية أيضاً

متابعات الأمة برس
2023-11-14

وزيرة الداخلية البريطانية المقالة سويلا برافرمان (ا ف ب)لم يجد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مفراً من إقالة وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان بعد أن بلغت تصرفاتها المثيرة للجدل مستوى تجاوز مدونة السلوك الوظيفي وتحدي رئاسة الحكومة مباشرة، وتحويل وزارتها إلى منصة لرفع رصيدها السياسي الشخصي داخل حزب المحافظين، في إطار الطموح إلى تزعُّم الحزب كخطوة أولى قبل رئاسة الحكومة مستقبلاً.
صحيح، بالطبع، أن السبب المباشر لاضطرار سوناك إلى إقالة بريفرمان كان ذهابها إلى ما لم يقدم عليه أي وزير داخلية بريطاني، أي نشر مقال في صحيفة «تايمز» ينال من مؤسسة الشرطة ويتهم بعض ضباطها بالتحيز إلى تظاهرات اليسار على حساب تظاهرات اليمين، وعدم الاكتفاء بتصنيف التظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين تحت مسمى «مسيرات كراهية» بل أيضاً مقارنتها بالحشود الجماهيرية في إيرلندا الشمالية.
صحيح كذلك أن الأعراف المتبعة في الحكومة البريطانية تقتضي من أي وزير أن يراجع رئيس الحكومة قبل نشر مقال بتوقيع شخصي، خاصة إذا انطوى النص على ما هو إشكالي ومثير للجدل، وأن بريفرمان ضربت عرض الحائط بكل الملاحظات والتعديلات التي وضعها سوناك على المقال فنشرته كما كتبته تماماً. ولكن الصحيح على قدم المساواة أن وزيرة الداخلية سبق لها أن أحرجت «10 داوننغ ستريت» مراراً من خلال تصريحات صادمة لا تطال طالبي اللجوء وحدهم، بل تحظر على المؤسسات الخيرية توفير الخيام للمشردين في الشوارع، كما سبق لها أن أقيلت من حكومة ليز تراس قبل نحو عام بسبب استهتارها بمقتضيات الوظيفة.
وهكذا فإن أحد أبرز الأسباب وراء اضطرار سوناك إلى إقالة بريفرمان هو إصرارها على استغلال حقيبتها الوزارية لخطب ودّ الشرائح الأكثر يمينية وتشدداً ضمن صفوف حزب المحافظين، وهو نهج يهدد موقع رئيس الوزراء نفسه بقدر ما يُلحق المزيد من الأضرار بحزب تؤكد جميع استطلاعات الرأي أنه خاسر في الانتخابات التشريعية المقبلة. ذلك لأن بريفرمان ليست غبية وكانت تدرك جيداً أن نشر ذلك المقال في صحيفة «تايمز» لن يترك أمام رئيسها من خيار آخر سوى إقالتها، وفضلت في المقابل أن تخرج أمام أنصارها في الحزب بمظهر البطلة الشجاعة والضحية المدافعة عن قيم بريطانيا العظمى.
لا يخفى كذلك أن نقل جيمس كليفرلي من الخارجية إلى الداخلية، والاستعانة بشخصية مخضرمة ورئيس وزراء أسبق مثل دافيد كاميرون لتولي حقيبة الشؤون الخارجية، يعني إقراراً ضمنياً بعطالة الخيارات البريطانية في ملف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وليس هذا لأن كليفرلي واصل ارتكاب العثرات والحماقات منذ فجر «طوفان الأقصى» فقط، بل كذلك لأن تظاهرات لندن الحاشدة المتضامنة مع الشعب الفلسطيني بعثت بسلسلة رسائل واضحة حول إخفاق تلك الخيارات.
وهذه وقائع تبرهن مجدداً على مقولة لا تكفّ عن تأكيد ثوابتها كلما هبط الاحتلال الإسرائيلي إلى قيعان أكثر همجية وبربرية، مفادها أن القضية الفلسطينية في عداد النزاعات العالمية الأندر التي لا تشغل السياسات الخارجية لهذه أو تلك من القوى العظمى فقط، بل تمسّ سياساتها الداخلية أيضاً وفي آن معاً.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي