القدس العربي : اعتذر نتنياهو… فمتى سيعتذر بايدن وأضرابه؟

متابعات الأمة برس
2023-10-31

رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الأناضول)لم يجد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفراً من حذف تغريدة دوّنها على موقع X، سعى فيها إلى التنصل من مسؤولية الفشل الأمني الذريع الذي تكشف نتيجة النجاح الصاعق للمقاومة الفلسطينية في التخطيط المنهجي لعمليات «طوفان الأقصى» وفي تنفيذها على نحو كبّد الاحتلال خسائر فادحة في الجنود القتلى أو الأسرى. وإلى جانب التأكيد بأنه لم يُحذّر «تحت أي ظرف من الظروف، وفي أية مرحلة، بشأن وجود نوايا حرب من جانب حماس» ذهب نتنياهو أبعد حين ألمح في تغريدته إلى أن الجهات الأمنية الإسرائيلية قد ضللته حين قدّر «جميع المسؤولين الأمنيين، بمن فيهم رئيس مجلس الأمن ورئيس جهاز الأمن العام، أن حماس تمّ ردعها وهي معنية بالتسوية».
واضح أن نتنياهو لم يكن يتوقع أن تثير تغريدته موجة احتجاج واسعة النطاق، ليس على صعيد مسؤولي الأجهزة الأمنية ذاتها أو في صفوف المعارضة الإسرائيلية فقط، بل كذلك في صفوف المتشددين من الوزراء داخل الائتلاف الحاكم أمثال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ولهذا استبدل تغريدة التنصل من المسؤولية بأخرى أقرّ فيها بأنه أخطأ ويعتذر عن أقواله.
وإذ تؤكد هذه الواقعة مقدار التخبط الذي يحكم سلوك نتنياهو شخصياً وحكومته إجمالاً، فإن المنطق السليم يشير أيضاً إلى أنها تعكس ضيق الخيارات أمام جيش الاحتلال ومؤسسات الكيان الأمنية إزاء طبيعة الخطوة التالية في التعامل مع المقاومة الفلسطينية أو في تنفيذ التهديدات بالاجتياح البرّي للقطاع، وتفسر بالتالي اقتصار تلك الخيارات على عمليات القصف الوحشية التي أوقعت حتى الساعة أكثر من 8000 شهيد فلسطيني، بينهم ما يقرب من 3000 طفل.
ولا يخفى بالطبع أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتحمل قسطاً واضحاً من المسؤولية عن الإخفاق في توقّع عملية نوعية مثل «طوفان الأقصى» وقد اعترف قادتها بالتقصير علانية، ولهذا فإن نطاق الاستنكار الواسع لتغريدة نتنياهو يعيد إبراز ذلك النزوع الإسرائيلي المتأصل بصدد عبادة المؤسسة الأمنية وتنزيهها عن الخطأ، ويؤكد بالتالي أن دولة الاحتلال بلغت مستويات قياسية من العسكرة الطاغية مقابل التضليل والتهرب من المحاسبة.
ليس خافياً أيضاً أن اضطرار نتنياهو إلى الاعتذار كان بمثابة رضوخ لضغوطات عديدة تكاثرت من حوله ولدى مستشاريه والمقربين منه، ولم يكن سلوكاً ديمقراطياً كما قد يزعم القائلون بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي «الواحة الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط. ذلك لأن رئيس الحكومة صاحب الاعتذار نفسه يخضع دائماً لاتهامات قضائية بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة، وليست غالبية العناصر في أدائه السياسي والحكومي سوى محاولات يائسة للتهرب من المحاكمة وضمان الحصانة.
وأما في ديمقراطيات عريقة مثل الولايات المتحدة، فإن من غير المتوقع أن يعتذر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إرسال حاملات الطائرات إلى الشواطئ الفلسطينية بدل الأغذية والمعدات الطبية، والتشكيك في أعداد ضحايا الوحشية الإسرائيلية بدل مواساة الأيتام والثكالى. ولن يكون زعماء الديمقراطيات الغربية في لندن وباريس وبرلين أفضل حالاً، بالطبع.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي