ميديابارت: يحيى السنوار.. "البراغماتي" الذي أصبح كابوس إسرائيل  

2023-10-11

 

يحيى السنوار (ا ف ب)قال موقع “ميديابارت” الإخباري والاستقصائي الفرنسي، إن يحيى السنوار، أصبح منذ يوم السبت 7 أكتوبر، كابوس الحكومة الإسرائيلية؛ أولاً لأنه هو أصل العملية العسكرية التي جرت تحت رادار أجهزة الاستخبارات والحماية التي يفترض أنها الأفضل في العالم، مما أدى إلى خسائر بشرية مروعة تجاوزت 900 قتيل و2000 جريح، وأسر عدد كبير من الإسرائيليين.. وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية.

ما تزال أسباب هذا النجاح اللوجستي الذي حققته حماس بحاجة إلى تفسير، فضلاً عن الإخفاقات الأمنية الإسرائيلية، كما يقول “ميديابارت” موضحا أنه من المؤكد أن باطن أرض غزة هو الجبن السويسري، لكن الأنفاق إلى الجنوب غمرتها المياه إلى حد كبير، ولم يعد التهريب المكثف الذي كان قائما مع مصر قبل بضع سنوات ممكنا.

وإلى الشمال، فإن الحدود التي تطوق غزة لا ترتفع فوق سطح الأرض فحسب، بل إنها تمتد أيضاً تحت الأرض، الأمر الذي يزيد من تعقيد تسلل المقاتلين الفلسطينيين إلى الأراضي الإسرائيلية عبر الأنفاق، كما كان الحال أثناء أسر الجندي جلعاد شاليط في عام 2006.

لكن هذا لم يمنع حماس من امتلاك العدد الكافي من الصواريخ لصرف الانتباه عن تسلل مقاتليها؛ وما يكفي من المتفجرات والعبوات لتحطيم الجدار المحيط بغزة في عدة أماكن، بما في ذلك القطاعات التي يفترض أنها آمنة للغاية مثل نقطة تفتيش إيريز الحدودية وقاعدة زيكيم العسكرية، دون الحديث عن الصور المذهلة للرجال الذين يدخلون إسرائيل على متن طائرات صغيرة أو يحاولون الدخول إلى إسرائيل عن طريق البحر، يشير “ميديابارت”.

“الرهائن مقابل الأسرى”

يتابع “ميديابارت” القول إن التغيير في استراتيجية حماس يُعد هائلاً بقدر ما هو غير متوقع، لا سيما من قبل يحيى السنوار، الذي قدمه المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون وحماس على أنه “براغماتي” عندما تولى السلطة؛ خاصة وأن هذا الرجل كان من المفترض نظرياً أن يكون في السجون الإسرائيلية، حيث حكمت عليه محكمة إسرائيلية عام 1988 بالسجن المؤبد قبل أن يطلق  سراحه عام 2011 كجزء من عملية تبادل الأسرى. ووافقت إسرائيل بعد ذلك على إطلاق سراح ما لا يقل عن ألف أسير فلسطيني لاستعادة الجندي الفرنسي- الإسرائيلي جلعاد شاليط حياً، والذي أسرته حماس عام 2006.

والدهشة الحالية في إسرائيل تنبع من هذا الأمر على وجه الخصوص، كما يوضح “ميديابارت، ولكن أيضا العنصر الآخر للدهشة الإسرائيلية يأتي من حقيقة أن السنوار منذ توليه زمام حماس في غزة عام 2017، بدا أنه يلعب الدور الذي توقعه الإسرائيليون منه بشكل غير رسمي: التفاوض مع الجار المصري الذي لا مفر منه؛ والتعاقد من الباطن مع حركة الجهاد الإسلامي في معظم المواجهات المباشرة مع إسرائيل من خلال إطلاق الصواريخ بشكل منتظم والتي يسهل اعتراضها من قبل الدفاعات الإسرائيلية؛ وأيضا للسيطرة على منطقة توصف بأنها “سجن في الهواء الطلق وطنجرة ضغط” حيث يفتقر السكان ذوو الكثافة السكانية العالية إلى كل شيء هناك: مياه الشرب والغذاء والحصول على الرعاية، ناهيك عن الآفاق المستقبلية، الرحيل أو المستقبل .

تغيير الحجم

ومع ذلك، كان هذا الرجل هو الذي افتتح شكلاً من أشكال المواجهة مع إسرائيل بدا أن كثيرين يعتبرونه مستحيلاً. في المجتمع الإسرائيلي، كما هو الحال في جزء كبير من المجتمع الفلسطيني، حتى وقت قريب، سادت فكرة مفادها أن العمل الفلسطيني على نطاق واسع لم يعد ممكنا، وهذا هو الحال مع عدم تناسب القوات، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي.

واعتبر “ميديابارت” أنه حتى لو كانت الأرقام لا تحكي سوى جزء صغير من القصة، فإن الهجوم الذي نفذته حماس، يغيّر حجم الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. فمن خلال إطلاق رجاله المسلحين والمدربين على جنوب إسرائيل، يشكل يحيى السنوار للإسرائيليين تحدياً لم تكن حكومة نتنياهو تتصوره، حتى لو كان موقف زعيم حماس في غزة علنياً ومعروفاً للسلطات العسكرية الإسرائيلية.

في نيسان/ أبريل 2022، أعلن يحيى السنوار، خلال إحدى خرجاته العلنية النادرة وبعد موجة من الهجمات التي خلفت العديد من القتلى الإسرائيليين: “سيتعين عليكم الاستعداد لمعركة كبيرة إذا لم تتوقف إسرائيل عن مهاجمة المسجد الأقصى”.

وفي مقال طويل نُشر في صيف 2021، استشهدت صحيفة هآرتس بالفعل بمصادر عسكرية متعددة مجهولة، تشير إلى التطورات في الشخصية، والتي يمكن ربط جزء منها بحقيقة أنه لم يجد سوى صعوبة في إعادته إلى رأس السلطة في غزة خلال الانتخابات الداخلية لحماس في مارس 2021. ففي مواجهة ترشيح نزار عوض الله، الذي يعتبر من المؤيدين الكبار للحرب الشاملة مع إسرائيل، كان يحيى السنوار قد لجأ إلى تشديد نهجه وأخذ في الاعتبار الانتقادات التي تتهمه بأنه، على الرغم من تصريحاته، تخلى عن الخيار العسكري المتمثل في إدارة غزة بالمساعدات، يقول “ميديابارت”.

وبالنسبة لأحد المصادر داخل الأجهزة الأمنية المذكورة في مقال صحيفة “هآرتس”، فإن السنوار لم يعد يرى نفسه مجرد زعيم بسيط لحزب فلسطيني، بل “يتصرف كما لو كانت لديه مهمة حماية القدس والأقصى”. وهي مهمة ألحقت بإسرائيل واحدة من أسوأ المآسي في تاريخها، وها هيي تغرق غزة اليوم في المجهول، كما يقول “ميديابارت”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي